التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 241 - الجزء 5

  وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ١٨ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ١٩ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ٢٠ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا


  وهو سبحانه لا يحتاج إلى استماع ليسمع ولكن جرى الكلام على التمثيل كقوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ}⁣[الرحمن: ٣١] وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن، فكما أن هذا تخويف، فقوله تعالى: {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} سبب لاطمئنانهما.

  (١٦) {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الراجح في إفراد رسول أنه جرى مجرى التشبيه بالرسول الذي يرسله ملك إلى بعض رعيته لكن المرسِل هنا {رَبِّ الْعَالَمِينَ} المالك لفرعون وقومه ولموسى وهارون.

  (١٧) {أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} تفسير لما أرسلا ليبلغاه إلى فرعون {أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} ليتحرروا من قهرك ويتخلصوا من ظلمك لهم.

  (١٨ - ١٩) {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ۝ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} كيف صرت رسولاً وأنت ذلك الرجل الضعيف الذي عاش بدون أسرة تؤويه وتربيه، إنما ربيناك نحن، وتفضلنا عليك في صغرك وليداً {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} تحت دولتنا وقهرنا، وفعلت فعلتك التي هي قتل القبطي، وهنا يتجلى لموسى (#) أن الله تعالى قد جعل له سلطاناً وهيبة تمنع فرعون الجبار العنيد عن قتله، ولذلك قال: {وَفَعَلْتَ} ولم يقل: (قتلت) ولم يصدِّر في جوابه ذكر القتل بل بدا بغيره.

  وقوله: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} أي فعلت ذلك في حال أنك من الكافرين لنعمتي لأنك لو شكرتها لم تقتله، وهو قبطي نصرة للإسرائيلي عليه، وإنما هو من الطائفة الذين يستضعفهم فرعون. وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «كان خبازاً لفرعون» انتهى. فإذا كان خبازاً لفرعون فذلك أبلغ عند اللعين في كفر نعمته.