التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 302 - الجزء 5

  يَهِيمُونَ ٢٢٥ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ٢٢٦ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧


  ومن يتبعهم ومن لا يتبعهم فكيف يقوم يدعو الناس وليس له حجة إلا الشعر مع أنه ÷ هو المعروف برجاحة العقل والحكمة وسداد الرأي فهذا يبين أنهم إنما نسبوه إلى الشعر جدلا بدون توهم ولا غلط، وهذا أيضا يلفت أنظار الكفار إلى أن يراجعوا أفكارهم وينظروا ليعرفوا الفرق بينه ÷ وبين الشعراء فليسمعوا إلى قول الله تعالى في الفرق بينهما:

  {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ۝ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}

  (٢٢٥ - ٢٢٦) {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ۝ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} قال في (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: في كل فَنّ يجورون» انتهى المراد. قال الشرفي في (المصابيح): «وهذا تمثيل لحالهم بحال من ظل عن الطريق وتاه في أودية مشعبة» انتهى المراد.

  فهم يطوّلون في أمر لا طائل فيه كوصف ناقة لهم أو فرس أو امرأة أو نحو ذلك أو مدحهم أنفسهم أو غيرهم فيسترسلون فيما لا يفيد، أنظر (معلقة امرئ القيس) وغيرها من (السبع المعلقات) وغيرها مما يتقنون فيه الكلام ويجيدون التشبيه، وفنون المجاز، ويعجب سامعه لبلاغة المنطق، وقدرتهم على الكلام مع كونه شعراً يصعب فيه حسن البلاغة مع تكلف الوزن الواحد ومع تكلف القافية الواحدة فهم في ذلك كمن يمشي في الأودية المتعددة لغير قصد صحيح أو غلطاً لضياع الطريق عليه.

  وقوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} إما بمعنى يقول القائل في مدح نفسه ما لم يفعل فلتكرر ذلك قال: ما لا يفعلون، ليفيد: استمرار العادة وليعم الماضي والمستقبل.