سورة الشعراء
  
  وإما بمعنى: أنهم يقولون سوف نفعل كذا ثم لا يفعلون فيكون المعنى هنا مثل قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ..} الآيتين [الصف: ٢ - ٣].
  والأرجح: أنهم يجمعون الوصفين فيقولون ما لم يفعلوه وما لن يفعلوه، وهذا من الفرق بينهم وبين رسول الله ÷ فهو ÷ الصادق المصدوق المنزه عن اللغو وعن الكذب، الذي إذا قال صدق، وإذا وعد أوفى يعرفه قومه بهذا ولم يجربوا منه إلا الصدق والأمانة وكذلك هو ثابت على دعوته حكيم فيها لا يتلون ولا يغالي فالفرق بينه وبين الشعراء واضح لا يجهلونه وإن قالوا بل هو شاعر.
  (٢٢٧) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وهم رسول الله ÷ ومن آمن به وبما جاء به واتبعوه فليس من شأنهم اللغو ولا الكذب ولا خلف الوعد، ولا الغفلة والتلهي عن ذكر الله كثيراً، وهذا مما يفيد: الفرق بين رسول الله ÷ وبين الشعراء الذين رموه بأنه منهم فاتباعهم الغاوون، واتباعه أهل الصدق والحكمة والوفاء.
  وقوله تعالى: {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}[الشورى: ٣٩] إلا أن رسول الله ÷ والمؤمنين معه قد ظلموا فناسب حالهم أن يقول: {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} بدل (إذا ظلموا) وفيه وعيد لأعدائهم بمكة وحولها الذين كانوا يظلمونهم بالتكذيب والسب وبتعذيب بعضهم وبتشريد بعضهم أن المؤمنين سينتصرون منهم {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} من هؤلاء وغيرهم {أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} وهؤلاء داخلون في عموم الذين ظلموا دخولاً أوّليّاً.