سورة النمل
  لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ٦ إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ٧ فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ
  فتركته جَزَرَ السباع ينُشنَه ... يَقْضُمن حُسنَ بَنَانه والمعصمِ
  {وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} قد خسروا أنفسهم وأهليهم وفاتهم كل خير وصاروا في عذاب الله خالدين، فأيّ خسارة أشد منها، وقد جرت عادة القرآن بإتباع الوَعد بالوعيد أو الوعيد بالوعد، وهذا يرجح أن معنى قوله تعالى: {وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} أنه يبشرهم بالجنة والفوز في الآخرة.
  (٦) {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} تُلقّى يلقى إليك القرآن فتأخذه مثل تلقَّن {لَدُنْ حَكِيمٍ} هو الله ﷻ؛ ولحكمته فكلامه محكم؛ ولذلك وصف القرآن بقوله تعالى: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}[يس: ٢] وهو كله مطابق للحكمة محكمه ومتشابهه، وكل ما فيه حق وصدق لا يأتيه الباطل من جهة سهو ولا غلط؛ لأن قائله علام الغيوب الذي لا يخفى عليه شيء ولا ينسى، فوعده حق وصدق ووعيده حق وصدق، وما فيه من القصص حق وصدق، وكل ما فيه من خبر صدق، وكل ما فيه من إنشاء حق؛ لأنه كلام الحكيم العليم.
  (٧) {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} {إِذْ قَالَ} اذكر هذه القصة التي وقعت لموسى في مرجعه من مدين أو مسيره من مدين، ومن العجيب سفره ذلك إن كان ابتدأه بقصد الرجوع إلى مصر بعد أن خرج منه خائفاً من القتل وفيه فرعون وقومه، إن ذلك دليل على رغبة غالبة خارقة للعادة أو دافع للخروج من مدين شديد اقترنت به الرغبة في العودة.