سورة النمل
  رَبِّ الْعَالَمِينَ ٨ يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٩ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ
  (٨ - ٩) {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فلما جاء النار التي آنسها {نُودِيَ} قيل له بصوت رفيع.
  وقوله تعالى: {أَنْ بُورِكَ} إلى آخر كلامه لموسى تفسير للندى الذي نودي به، بورك أصله دعاء بالبركة وهي ثبات الخير في الشيء ونموه، قال الشاعر:
  بورك الميّت الغريب كما بو ... رك نضح الرمان والزيتون
  وفي (الصحاح): «والبركة: النماء والزيادة» انتهى، وقال الراغب: «والبَرَكة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء» انتهى.
  وقوله تعالى: {مَنْ فِي النَّارِ} لعلهم الملائكة الذين أوقدوا النار {وَمَنْ حَوْلَهَا} موسى وكان محتاجاً إلى النار لدفع البرد في ذلك المحل ليبقى مدة استماعه للوحي فهي تفيده دفئاً ونوراً، فلا موجب للتأويل بأنها ليست ناراً حقيقة وإنما هي نور؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنها نار في قوله تعالى: {إِذْ رَأَى نَارًا}[طه: ١٠] وهنا لا بد أن موسى قد خوطب بما ترجمته في العربية نار {فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا}[طه: ١٠] أي ابقوا مكانكم منتظرين لي حتى أذهب إلى النار وأرجع.
  وقوله تعالى: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ} أي المكلم لك الله، وأنا تسمى ضمير المتكلم، وأنا أرجّح أن لا ينسب إلى الله تعالى صيغة التفعّل فليس في القرآن كلمة التكلم ولا فيما صح من كلام رسول الله ÷ بل يقال المكلم بدون (تاء) والقائل وقال ونحو ذلك لا تقل تكلم، فهذا أحوط.