سورة النمل
  لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ١٠ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ١١ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ
  وقوله: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} تعليم لموسى بعزة الله وحكمته؛ ولعله يشير إلى أن الوحي إلى موسى تابع لعزة الله وحكمته ليعرف أهمية ما يؤمر به ويستعد لطاعة ربه - والله أعلم - فأما الإبتداء قبل هذا بالتسبيح فلعله ليعلم أن كل ما يوحى إليه حق وصواب؛ لأنه منزه عن كل نقص وكل عيب أو لتنزهه سبحانه عن الشركاء والأنداد؛ لأنه قد شاع الشرك في الأرض والله أعلم.
  أما قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} فهو مناسب ليكون مقدمة لأمره وإرساله إلى فرعون وقومه؛ ولذلك قال له موسى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء: ١٦] كما مر.
  (١٠ - ١١) {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} {وَأَلْقِ عَصَاكَ} أمره أن يطرح عصاه ليجعلها معجزة تدل على أن الوحي من الله وأنه هو أرسله وهو أهون على موسى مما لو حولها حية وهي في يده كما أن تحويلها حية في ضوء النار أوضح للمعجزة وأهون على موسى مما لو كانت الظلمة باقية، وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَآَهَا} أي العصى {تَهْتَزُّ} قد أحياها الله وجعلها حية تسعى.
  قال في (الصحاح): «هززت الشيء فاهتزّ حركته فتحرك، يقال: هزّ الحادي الإبل هزّاً فاهتزّت هي إذا تحركت في سيرها لحُدائه» انتهى.
  وقول الشاعر:
  وإني لتعلوني لذكراك هزّةٌ ... كما انتفض العصفور بلله القطر