سورة النمل
  مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ٨٢ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ٨٣ حَتَّى إِذَا
  (٨٢) {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} {وَقَعَ الْقَوْلُ} صدق {عَلَيْهِمْ} وتعينوا في دلالته عليهم، والقولُ: الوعيد مثل: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ ..} الآية [الأعراف: ١٨] وذلك بما ظلموا وأصروا على الإعراض عن آيات الله وترك الإيمان بها حتى صار بينهم وبين الإيمان بُعْد، وعلم الله أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية.
  {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ} وهذا خارق للعادة؛ لأن الدواب إنما تحصل بالتناسل وإذا ماتت لم تخرج إلا أنها ستخرج يوم البعث فهي آية عظيمة تدل على قدرة الله تعالى على البعث، فهي من مصداق قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ ..} الآية [فصلت: ٥٣] وأعظم من ذلك أنها {تُكَلِّمُهُمْ} فالدواب لا تتكلم، فإذا كلمت الدابة كان تكليمها أمراً عظيماً وهائلاً لمن كلمته، وكفى بهذا الكلام دلالة على هذا الأمر المغيب الذي سيكون قبل يوم القيامة وعند وقوعه بهاتين الصفتين: الخروج من الأرض، والتكليم للناس فعند ذلك يعلم أنها هي ما وعد الله به في القرآن، فتكون دليلاً على أن القرآن كلام الله كما هي دليل على إمكان البعث.
  وقوله تعالى: {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} تعليل لهذه الآية العظيمة التي تضطرهم إلى العلم بإمكان البعث وبأن القرآن كلام الله سواء أقروا أم جحدوا، فهي كناقة الله لقوم نبيه صالح #.
  نعم ... هذه الدابة الله أعلم بها أهي دابة واحدة، أم هي جنس يخرج منه في كل قطر دابة أو أكثر، كقوله تعالى: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ}[سبأ: ١٤] فإن الظاهر: أن الذي أكل منساته جنس دابة الأرض أي عدد كثير اجتمع فأكلها حتى انكسرت وخر سليمان #.