التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النمل

صفحة 357 - الجزء 5

  جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨٤ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ٨٥ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا


  (٨٣) {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} الراجح في هذا الحشر: أنه حشرهم إلى جهنم، كقول الله تعالى: {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا}⁣[مريم: ٦٩] والفوج: الجماعة الكبيرة، وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}⁣[الزمر: ٧١] فالأكابر من الأمم يقدمون قبل الأتباع وهذا تحذير من التكذيب بآيات الله، وقوله تعالى: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} كقول الله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}⁣[فصلت: ١٩] والوزع: المنع، ولعله هنا - والله أعلم - وزعهم عن محاولة العدول عن التوجه إلى النار يميناً أو شمالاً في المحشر - والله أعلم - فأما تفسيره: بحبس أولهم حتى يلحق آخرهم أو برد أولهم إلى آخرهم فهو بعيد.

  (٨٤ - ٨٥) {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ۝ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} {حَتَّى إِذَا جَاءُوا} حيث حشرهم إلى جهنم فالراجح أنهم جاؤوا جهنم قبل الوقوع فيها أو بعده.

  وقوله تعالى: {قَالَ أَكَذَّبْتُمْ} توبيخ لهم واحتجاج عليهم يبين أنهم قد وقع القول عليهم، وقوله تعالى: {وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا} يبين أنهم كذبوا بها مع إعراضهم عنها وترك النظر في صحة دلالتها تكبراً وظلماً، وقوله تعالى: {أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي حين كذبتم بها من دون أن تنظروا فيها وتسمعوا قول النذير الذي جاء بها أيّ عمل شغلهم عن النظر والتفهم للآيات وهم قد أنذروا جهنم، فلم يكن لهم عمل يستحقوا الإشتغال به عن النظر في آيات الله.