التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النمل

صفحة 358 - الجزء 5

  اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٨٦ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ


  {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} صدق عليهم الوعيد {بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ ..} الآية [فصلت: ٢٠] وقال تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ ...} الآية [يس: ٦٥].

  (٨٦) {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} احتجاج بقدرة الله تعالى التي لا تقاس على قدرة المخلوقين وبنعمته على عباده التي تستدعي منهم الشكر والإيمان بآياته الدالة على الآخرة وعلى صدق الرسول الذي بلغهم الآيات الماضية التي تنذر المكذبين عذاب الآخرة.

  {إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي في جعل الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً لمعاشهم {لَآَيَاتٍ} دلائل تبطل شركهم بمن لا يقدر على شيء ولا ينعم عليهم بشيء، وتبطل تكذيبهم باليوم الآخر لمجرد استبعاد القدرة على بعث الأموات وتبطل احتجاجهم بهذا الإستبعاد لتكذيب النذير، كما أن آيتي الليل والنهار تدل على قدرة الله تعالى وعلمه بكل شيء ورحمته وفضله لعباده بتسخير الشمس لهم وتيسير تحديد مواجهتها للناس بحيث لا تضرهم بحرها ولا تجفف أشجارهم وغيرها ولا يتعبهم طول النهار عليهم، وكذلك تحديد غيابها عنهم حتى لا يطول عليهم الليل فيحاصرهم عن طلب المعاش ويشتد الجوع والبرد ..

  وغير ذلك من الآيات في تصرف الخالق في الأرض والشمس مع بُعد المسافة بينهما ومع استمرار هذا التصرف لحاجة الإنسان إليه.