سورة النمل
  مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
  وقوله: {دَاخِرِينَ} قال فيه في (تفسير الإمام زيد بن علي @): «أي صاغرين خاضعين» انتهى. ومثله في (مصابيح الشرفي) قال (صاحب الصحاح): «الدخور: الصغار والذل» انتهى.
  (٨٨) {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} {وَتَرَى} عطف على {فَفَزِعَ} وما بعدها ترى الجبال يوم القيامة في حال كونك {تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} على أصلها {وَهِيَ تَمُرُّ} في الجو {مَرَّ السَّحَابِ} لأنها قد صارت غباراً يحمله الهواء، وفسروا {جَامِدَةً} بأنها ساكنة، ويحتمل: أن المراد به أنها باقية على أصلها غير متفتتة مجاز من جمود السوائل.
  ولعل بعضهم أخذ التفسير بسكونها من مقابلته بقوله تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} ولكن مرورها لازم تحطمها ومصيرها غباراً والله أعلم، ويمكن أخذ الجمود للسكون مجازاً؛ لأن الجامد يسكن والسائل يتحرك، وقوله: {صُنْعَ اللَّهِ} قال الراغب: «الصنع: إجادة الفعل، فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعاً» انتهى المراد.
  فالعبارة تدل على أن تسيير الجبال فعل محكم لا مجرد تخريب، كما أن تشقق السماء وتساقط النجوم وتغيير الشمس والقمر كل ذلك مطابق للحكمة {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} لأنه حكيم فكل صنعه في الدنيا والآخرة محكم {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} فلذلك جاء بالقيامة لتجزى كل نفس بما تسعى.