سورة النمل
  ٩٠ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٩١ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا
  (٨٩ - ٩٠) {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} {مَنْ جَاءَ} موقف السؤال والحساب {بِالْحَسَنَةِ} مصحوباً بالحسنة أو أحضرها معه؛ لأن عمله لازم له {فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} أضعافها، فله عشر حسنات أو أكثر {وَمَنْ جَاءَ} ذلك الموقف بالسيئة، كما قال تعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء: ١٣].
  وقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} تفصيل لقوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ} جعلت وجوههم أسفل مباشرة لجهنم، وهذا كقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}[القمر: ٤٨] والسيئة هذه هي التي خرج بها من التقوى تعم الشرك والجرائم التي أصر عليها صاحبها حتى مات، كما أن الحسنة هي الإيمان والعمل الصالح الذي هو شأن المتقين؛ لأن هذه الآية فسرها القرآن في مواضع كثيرة، فالإجمال فيها على وجه الإحالة على غيرها من القرآن، وقوله تعالى: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي يكون مع تعذيبهم إخبارهم أنهم إنما يجزون ما كانوا يعملون، وذلك تعذيب بالإهانة وإدخال الندم عليهم.
  (٩١) {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي قل يا رسول الله {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ} الله أي وحده لا شريك له؛ لأنه {رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} وهي مكة حرم الكعبة {الَّذِي حَرَّمَهَا} فلا يجوز القتال فيها.