التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة العنكبوت

صفحة 434 - الجزء 5

  أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ٧ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ


  أما الله فهو غني عن جهاد المجاهد وعن أعماله كلها، فإن الله غني {عَنِ الْعَالَمِينَ} لا تزيد ملكَه طاعتُهم ولا تنقصه معصيتُهم، وهذا حث على الجهاد مفسر في آخر آية من هذه السورة.

  (٧) {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} {لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} نغطيها يوم القيامة ولا نظهرها حتى لا تسوءهم في الآخرة؛ وذلك لأن من لوازم الإيمان التوبة من المعاصي، وترك الإصرار عليها، والعزم على اجتنابها، والحب للطاعة، والكراهة للمعصية {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} أحسن الذي كانوا يعملون يخرج به السيئ ويخرج المباح؛ لأنه حسن غير قبيح فالإيمان والعمل الصالح أحسن الذي كانوا يعملونه، وجعل ثوابه إياه لأنه سببه، وهذا وعد عام بعد الوعد الخاص للمجاهد والمجاهد داخل في هذا على جهاده، وعلى سائر عمله وعلى إيمانه.

  (٨) {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} عطف على الوعد للمؤمن العامل صالحات؛ ولعله باعتبار أنه حث على الإيمان والعمل الصالح ومعنى التوصية من الله تعالى الأمر كذا قالوا؛ ولعل جعله وصية باعتبار انقطاع الوحي بموت الرسول ÷ لأن الإنسان مأمور بذلك إلى آخر الحياة الدنيا حين انقطاع التكليف، وقوله تعالى: {حُسْنًا} أي إحسانا أو حسن المحاورة والمعاملة والمرافقة وغيرها.