التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 518 - الجزء 5

  فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٥٦ فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ٥٧ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ


  أي يحلفون ما لبثوا ما بقوا بينهما غير ساعة من الزمان وهي مدة قليلة كما قال في (سورة الإسراء) {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً}⁣[الإسراء: ٥٢] ولكنهم أقسموا على الظن {كَذَلِكَ} في اعتماد الظن والاغترار به {كَانُوا} في الدنيا {يُؤْفَكُونَ} يصرفون عن الحق لأنهم لا يتثبتون.

  (٥٦) {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} العلم اليقين بالله وقدرته وعلمه وحكمته وعزته وسائر معرفته تعالى واليقين بالرسل والكتب واليقين باليوم الآخر وما وعد الله به من الحساب والجزاء وكل ما يجب العلم به والإيمان به أوتوه بالهدى من الله قالوا للمجرمين: {لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ} فيما كتب الله من الأجل الذي قضاه بين الدنيا والآخرة {إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} بعد الموت الذي وعد الله به {وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فكنتم به تكذبون فقد صدق وعد الله، واستعمل اسم الكتاب فيما كتب الله مثل استعماله فيما كتب من العمر والرزق، قال تعالى: {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ}⁣[الأعراف: ٣٧] وقد ذكر الله أجل الفرد وأجل مجيء الآخرة أو ذهاب الدنيا في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً}⁣[الأنعام: ٢].

  (٥٧) {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} {فَيَوْمَئِذٍ} قد قامت الساعة {لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ} لو أذن لهم في الاعتذار فلا ينفعهم ما كانوا يعتذرون به لأنه ليس عذرا صحيحاً.