سورة الروم
  فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ٥٨ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا
  ويحتمل: معذرتهم التي ليست معذرة وإنما اتخذوها كالاعتذار مثل قولهم: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ}[المؤمنون: ١٠٦].
  {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} ولا يطلب منهم إزالة غضب الله عليهم وإرضاءه بالتوبة والإيمان كما كان يطلب منهم في الدنيا لأنه في الآخرة لا يقبل منهم لأنها دار جزاء وليست دار عمل، ولأنهم لو فعلوا ذلك فعلوه اضطراراً لمشاهدتهم القيامة فلا ينفعهم لأن الله تعالى لو شاء أن يؤمنوا اضطراراً لاضطرهم في الدنيا بحيث لا يكفروا كما قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة: ١٣].
  (٥٨) {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ} {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ} كلهم {فِي هَذَا الْقُرْآَنِ} الذي هو أعظم حجة {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} حجة بالغة وحكمة جامعة وقد سمى الله ما احتج به الكافر مثلاً فقال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٨] فالمثل ما استعمل لينطبق على أفراد متماثلة يستعمل في كل منها ومنه أمثال العرب لكلماتهم المتداولة بينهم مثل قولهم المرء بأصغريه لسانه وجنانه وقولهم القتل أنقى للقتل، وليس خاصاً بالتشبيه وكذلك ما هو حجة وما هو موعظة قال تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً وَرَأى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}[الكهف: ٥٢ - ٥٤].