التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة لقمان

صفحة 6 - الجزء 6

  أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٥ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا


  وقوله: {لِلْمُحْسِنِينَ} أي للمتقين فالمتقون اتقوا الله باجتناب السوء والمحسنون ضد المسيئين، ولذلك صح تفسير المحسنين بالمتقين، يؤكد ذلك قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}⁣[البقرة: ٢] وتقارب نعتهم فقال تعالى:

  {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}

  (٤) {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} بل التفسير متوافق لأن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لا تقبلان إلا من المؤمن لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}⁣[الأنبياء: ٩٤] وقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}⁣[النحل: ٩٧] وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً}⁣[النساء: ١٢٤] وقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ..} إلى قوله تعالى: {.. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}⁣[المائدة: ٢٧] فصح أن قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} قد أفاد أنهم مؤمنون باللزوم.

  وقوله تعالى: {وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} من صفاتهم الفارقة بينهم وبين غيرهم لأن إيقانهم بالجنة يحدث الرغبة في أسبابها وإيقانهم بالنار يحدث الخشية من عذاب الله وضمير الفصل بين المبتدأ يفصل بينهم وبين غيرهم ممن يدعي اليقين بالآخرة دعوى لا يصدقها العمل فهو يفيد أن المحسنين هم الذين يوقنون بالآخرة فالقرآن الحكيم بما فيه من الحكمة هدى ورحمة لهم {وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا}⁣[الإسراء: ٨٢].

  (٥) {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} هذا القرار للمحسنين بعد ذكر صفاتهم، مثل القرار للمتقين في أول (سورة البقرة)