سورة السجدة
  
  فظهر: أن ليس المراد إلا بيان سرعة نزول الأمر ورجوعه في يوم واحد وأن تقديره بألف سنة إنما هو تقدير معناه باعتبار ما وقع فيه.
  قال الشرفي: «من ذلك قول الهادي # - حيث قال -: معنى {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} فهو ينفذ ما يريد من الأمور من السماء إلى الأرض مع جبريل # إلى أنبيائه $ في أرضه ثم يعرج جبريل إليه من بعد إنفاذ ما أمر به في مقدار يوم فيقطع في مقدار ذلك اليوم ما لو كان مبسوطاً في الأرض لم يقطعه العالمون إلا في مسير ألف سنة ومعنى يعرج، فهو يصير إلى الموضع الذي بعث منه، وهو محل جبريل # وموضعه الذي يعرج إليه جبريل راجعاً» انتهى.
  وجبريل # يعرج في طاعة ربه، وإلى حيث ينتظر ما يأمره به ربه، ولذلك كان عروجه إلى الله، كما قال إبراهيم #: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ..}[الصافات: ٩٩] لأنه ذاهب إلى حيث يعبد ربه، ومثله قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ..}[النساء: ١٠٠].
  وقوله تعالى: {مِمَّا تَعُدُّونَ} من السنين التي تعدونها وهي السنون القمرية، كل سنة اثنا عشر شهراً، كل شهر ثلاثون يوماً أو تسعة وعشرون.
  (٦) {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} {ذَلِكَ} أي {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ..} إلى آخر الآيتين هو {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} وقد دل على ذلك إحكام صنعه وتصرفه في السموات والأرض وتدبيره لأمورهما {الْعَزِيزُ} الغالب الذي لا ينال {الرَّحِيمُ} بعباده ومن عزته ورحمته إرسال الرسل وإنزال الكتب فلم يهمل عباده ومن عزته إقامة الحجة وإنذارهم بالجزاء في الآخرة.