سورة السجدة
  طِينٍ ٧ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٨ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٩ وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ
  (٧ - ٩) {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} أي أحسن صنع كل ما صنعه وأحكمه فهذا دليل على قدرته القاهرة التي لا تقاس بها قدرة المخلوقين وعلى علمه بكل شيء فقد أتقن صنع كل حيوان على ما يناسب عيشته وصنع أجزاء أعضائه وشبكة عروقه المصرفة لدمه إن كان ذا دم من باطنه وظاهره وطوله وعرضه بين عروق واسعة وعروق دقيقة تؤدي وظائفها إلى دماغه وسمعه وبصره وغيرها، كشبكة مواصير الماء التي تصل في المدن إلى كل بيت وإلى بعض المواضع من كل بيت، وكما قال الزمخشري |:
  يا من يرى مد البعوض جناحه ... في ظلمة الليل البهيم الأليل
  ويرى عروق نياطها في نحرها ... والمخ في تلك العظام النحل
  وكل حيوان قدر له رزقه الذي يوافق صنعه وعيشتة وهداه له وغير ذلك من لطيف إحكامه تعالى لما خلق وإتقانه لتدبيره، وكذلك صنعه سبحانه وتعالى للشجر وكثرة أجناسها وكثرة أنواع كل جنس وتدبيره لها تغذيها بما تمتصه عروقها من الأرض من الماء وما فيه من مواد غذائها، وجعله للمجاري في عروقها إلى أعوادها الغليظة ثم إلى أعوادها الدقيقة ثم إلى أوراقها وثمارها وفي الورقة الواحدة مجاري لغذائها.