التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة السجدة

صفحة 43 - الجزء 6

  


  وكذلك في الثمرة، وفي إتقان صنع الأعواد، وإتقان صنع الأوراق وإتقان صنع الزهور، وإتقان الثمار والفرق في الثمار عند ظهروها قبل طيبها وعند وقت اقتطافها حين تطيب، فتكون طعاماً: كالحبوب، والفواكه، أو دواء: كبزر السماق وهو (العثرب) في لغتنا وبزر قطونا وهو بزر قطنة في لغتنا والثوم وغير ذلك وبعض الشجر تكون ثمرته في بطن الأرض كالزنجبيل وغيره فسبحان الله الذي أحسن كل شيء خلقه وأحاط علمه بكل صغير وكبير، وهذا مثال لأن آياته يصعب حصرها في كل ما في الأرض فضلاً عن النيرات وما في السموات وما في البحار وغير ذلك.

  وقوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} وهو خلق آدم # وذلك من أوضح الدلائل على البعث {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ} وهو ذريته من {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} وهو المني خال عن الصورة والأعضاء بل هو ماء سائل وهي {سُلَالَةٍ} تنسلُّ من العروق وغيرها أي تنفصل عند نزولها إلى الأنثى، وقوله: {مَهِينٍ} صفة لهذا الماء أي حقير لأنه ضعيف كالمخاط وتغسل عنه الثياب إذا وقع فيها شيء منه والمهين مشتقة من المهانة لا من الهوان والذي من الهوان يقال فيه مهان، والمهين الحقير كما في الصحاح وغيرها.

  وقوله تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ} أي سوى الإنسان بإتمام أعظائه الظاهرة كالرأس واليدين والرجلين والباطنة كالقلب والكبد والدماغ والعروق والعصب والمعدة و الأمعاء الدقيقة والغليظة.

  وقوله تعالى: {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} أي نشر فيه الحياة في أعضائه وأجزائها ومركزها القلب، قال الشرفي: «{وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} عبارة عن إحيائه ودل بإضافة الروح إلى ذاته إنه خلق عجيب لا يعلم حقيقته إلا هو، كأنه قال: ونفخ فيه من الشيء الذي اختص هو به وبعلمه» انتهى.