التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة السجدة

صفحة 45 - الجزء 6

  عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١٣ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ


  ولا تنافي لأن اسم الفرد يعبر به عن الجنس، قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}⁣[إبراهيم: ٣٤] {الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} ليتوفاكم وتوفيهم أخذ أرواحهم لله، وكذلك لا ينافي قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}⁣[الزمر: ٤٢] لأنه بأمر الله وتمكينه يتوفاهم، فصحت النسبة إلى الله وإلى الملك، كقوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}⁣[التوبة: ١٤].

  {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} إلى ربكم المالك لكم الذي حكم عليكم بأن ترجعوا إليه ليحاسبكم ويجزيكم وتكون حالكم يومئذ كما يأتي في الآية التي بعد هذه، وهذا لأن الاحتجاج على قدرة الله وعلمه قد قطع عذرهم فما بقي إلا زجرهم بالوعيد.

  (١٢) {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} {وَلَوْ تَرَى} حال المجرمين الذين كانوا يكذبون بلقاء ربهم، لو ترى حالهم يوم يلقونه لرأيتهم في خوف شديد وغم شديد وذلة شديدة وخضوع لا يفيد يقولون: (ربنا أبصرنا) (ما كنا نجحد) (وسمعناه ..) {فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} يقولون ذلك وهم {نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ} وهم في موقف حساب ربهم لهم أو بعده قد حطمهم الخوف فنكسوا رؤوسهم قد أيقنوا بما وعد الله به لكن لم ينفعهم اليقين.

  (١٣) {وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} هذا يفيد: إبطال سؤال المجرمين الذين طلبوا أن يرجعهم الله ليعملوا صالحاً، لأنهم قد أيقنوا وكذبوا إنما طلبوا