التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة السجدة

صفحة 53 - الجزء 6

  إِسْرَائِيلَ ٢٣ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ٢٤ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ٢٥ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ


  (٢٣) {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} فليس محمد بدعاً من الرسل ولا القرآن بدعاً من الكتب {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ} يا رسول الله {فِي مِرْيَةٍ} في شك {مِنْ لِقَائِهِ} في أنه نازل من عند الله، وأنك تتلقاه منه {وَجَعَلْنَاهُ} أي الكتاب {هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} يهتدي به منهم من آمن به وتمسك به فكذلك آتيناك القرآن هدى للناس.

  (٢٤) {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ} {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ} أي من بني إسرائيل بعد موسى {أَئِمَّةً} متبوعين في الدين {لَمَّا صَبَرُوا} على تحصيل العلم بالكتاب ومعانيه والعمل به ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على تعليم الناس وإرشادهم {وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا} كلها الكونية والسمعية {يُوقِنُونَ} يقيناً حملهم على العمل الصالح وعلى الصبر عليه وعلى ما يلقون من الأذى من أعداء الدين، فلذلك كانوا أهلاً للإمامة في الهدى، فكذلك جعل الله من آل محمد كما جعل من بني إسرائيل رحمة للعباد يدعونهم إلى التمسك بكتاب الله، كما دعاهم الله ورسوله ÷، لأن حاجة هذه الأمة إلى الهداة بأمر الله مثل حاجة بني إسرائيل.

  وقد قال تعالى في (آية القبلة): {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}⁣[البقرة: ١٤٣] وقال تعالى لإبراهيم #: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ..}⁣[البقرة: ١٢٤] فعم ذريته ولم يخص بني إسرائيل.

  (٢٥) {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} {إِنَّ رَبَّكَ} يا رسول الله {هُوَ} وحده {يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} فلا