سورة الأحزاب
  
  وليس لهم خيار فيما أمر به بل عليهم طاعته {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} محرمات عليهم كما يأتي في السورة إن شاء الله وهذا تشبيه بالأمهات لا يعم كل صفات الأم ولذلك لا يجوز النظر إليهن، ولا الدخول عليهن، والتشبيه يكفي فيه صفة ظاهرة مثل زيد أسد، زيد حاتم زمانه، زيد سيبويه زمانه، فلذلك لا يعم صفات الأم.
  {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} {مِنَ} للبيان، وتقييد أولي الأرحام بكونهم من المؤمنين والمهاجرين لأن الكافر تنقطع الصلة بينه وبين المؤمن، وظاهره أن المهاجر لا ولاية بينه وبين قريبه الذي لم يهاجر، وهذا حين تكون الهجرة واجبة، ويكون الذي لم يهاجر باقياً في دار الكفر، وهذا موافق لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}[الأنفال: ٧٢] وهذه الأولوية بين أولي الأرحام أي القرابة في النسب تخرج الأخ بالمؤاخاة والحليف وسائر المؤمنين، وتعم التوارث وغيره، إلا في طاعة الله تعالى وطاعة رسوله وطاعة ولي أمر المسلمين.
  قال الشرفي: قال في (البرهان): «سبب نزول الآية أن النبي ÷ لما أراد غزوة تبوك أمر الناس بالخروج معه فقام قوم منهم فقالوا: نشاور آباءنا وأمهاتنا ونستأذنهم فأنزل الله ذلك فيهم، وبين لهم أنه أولى بهم منهم وكذلك من قام مقامه من خيار عترته فهم أولى بأمته» انتهى.
  والدليل قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] وليست ولاية أولي الأرحام ولاية أمر لأن ذلك يؤدي إلى تدافع الإمرة فيكون كل من الأخوين أميراً على أخيه، وذلك ليس المقصود في الآية هنا وفي (سورة الأنفال).