التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة يس

صفحة 194 - الجزء 6

  وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ٢٨ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ٢٩ يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٣٠ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ


  (٢٧) {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} وهذا يدل على فضل الشهادة وعظمة الشهيد أنه لا يزال حياً، وقد تمنى أن يعرفوا مصيره لكي يؤمنوا أو ليغيظهم.

  (٢٨) {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ} لأنهم أحقر من أن ينزل عليهم جندا من السماء وما كنا منزلين أي ليس من شأننا إنزال جند عليهم.

  (٢٩) {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} إن كانت العقوبة إلا صيحة واحدة رجفت الأرض بهم مثل صيحة ثمود {فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} قد هلكوا وذلك بسبب جرمهم في حق المؤمن الذي قتلوه وما قدمت أيديهم من الجرائم.

  (٣٠) {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} قال في (المصابيح): «قال محمد بن القاسم @: وقول الله: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} كلمة من وعيد الله منبئة عن شدة الوعيد مفزعة؛ لأن العرب إذا أخبرت عن الأمر المفزع المخوف العظيم فلم يفهمه من تخبره عنه أو كذب به قالوا في التنبيه بأبلغ الوعظ والتكليم: يا حسرة عليك، ويا ندامة لك إذا ما حل بك ما كذبت به مما حذرناك فرأيته بالمعاينة». إلى آخر كلامه في [المصابيح ج ٤/ص ١١٠].

  قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} بيان لسبب حسرتهم يوم القيامة لأنهم لم يكتفوا برفض الإيمان بل أضافوا التكذيب للرسل ولا اكتفوا بالتكذيب بل زادوا الاستهزاء فعظمت عليهم العقوبة فاستحقوا العذاب العظيم وهو سبب حسرتهم وندامتهم.