التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الزمر

صفحة 275 - الجزء 6

  وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٧ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا


  فالجاهلية الكفار المشركون جانبوا الصواب عندما جعلوا شركاءهم مالكين لهم بغير حقيقية فهم لم يخلقوهم، كما أنه ليس لهم حق أن يحكموا بأنهم شركاء فالحكم لله وحدْه {لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فله إذاً ولاية الأمر والنهي، والثواب والعقاب، هو المَلِك له هذه الولاية ليس لغيره فيها نصيب، فإذا كان الملك له وحده فيوم القيامة يكون مرجع العباد إليه وحده، هو الذي سيحكم فيهم يجازي ويثيب ويعاقب لأن الملك له وحده أما مُلك غيره في الدنيا فليس إلا نسبياً إذا كانت له ولاية شرعية، وليس ملكاً مطلقاً. {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} فمن أين تصرفون عن الحق إلى الباطل وأنتم تعلمون أنه الذي خلقكم وأنه الذي خلق هذه الأشياء بقدرته، فلماذا تقولون أن هذه الأصنام ستشفع لكم يوم القيامة وليس لهم نصيب من الملك لا يوجد يوم القيامة شفعاء يكون لهم نصيب من الملك فالأمر لله وحده.

  (٧) {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} بعد ما بين الحق قال: {إِنْ تَكْفُرُوا} نعمة الله هدايته وإنزاله القرآن ودعوتكم إلى السلامة إن تكفروا نعمته {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} ليس به حاجة إليكم {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} لا يرتضي لكم أن تكونوا كفاراً لنعمه؛ لأن كفر النعمة نقص فيكم وعيب عليكم، وذلك ما لا يرتضيه لعباده لكونه صفة نقص وهو يريد لكم الكمال وعلى قدر عظم النعمة يكون قبح كفرانها.

  {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} وإن تشكروا نعمة الله يرض الشكر لكم لأنه سعادة لكم في الدنيا والآخرة {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الوازرة التي تحمل حملاً ثقيلاً، فهي لا تقدر أن تحمل وزر واحدة غيرها بل كل واحدة تحمل وزرها فقط.