التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجاثية

صفحة 424 - الجزء 6

  بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٢٢ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٢٣ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ٢٤ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ


  (٢٢) {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} لم يخلقهما عبثا لأن نتيجة إنكارهم للبعث والجزاء أن يكون خلقهما لغير فائدة، وهو ما خلقهما إلا لأجل عبادته يعبدونه ثم يجازي كلا بما يستحق المطيع والعاصي.

  (٢٣) {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} هؤلاء المشركون الذين اتخذوا آلهتهم أهواءهم على خلاف ما يقتضيه العقل والحكمة بل على هواهم. {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} باستحقاقه الإضلال، علم سبحانه أنه لا يريد الحق ولا يريد الهدى، وأنه مستحق للخذلان {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} لأنه يكره الحق فكأن سمعه مختوم عليه لا ينفذ إليه القرآن وقلبه كأنه مختوم لا يدخله الهدى والنور ولا يقبل إلا الباطل فقط {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} كأن على بصره غشاوة لا يرى طريق الحق {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} كيف لأحد أن يهديه وقد خذله الله وسلط عليه الشياطين فلم يبق مجال للهدى وقد فاتته هداية الله.

  (٢٤) {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} مع إشراكهم بالله كذلك أنكروا القيامة {نَمُوتُ وَنَحْيَا} يموت جيل ويحيى جيل آخر {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} أنكروا كون الآجال بيد الله وأضافوا ذلك إلى الدهر {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} لا علم لهم في إنكارهم للقيامة، وكون الآجال بيد الله، وإنما تخمين.