التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجاثية

صفحة 426 - الجزء 6

  نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٩ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ٣٠ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ٣١ وَإِذَا قِيلَ


  {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} الكتاب المتضمن كل ما كانوا يعملون في الدنيا يدعون إليه ليشاهدوا أعمالهم، كما قال تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}⁣[الإسراء: ١٤] كل واحد يقرأ كتاب عمله {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ليس مجرد حساب إنما حساب يتبعه الجزاء.

  (٢٩) {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} كل ما تضمنه كتابنا هو حق لا مغالطة فيه، فقد كنا نأمر بتسجيل ما كنتم تعملونه في الدنيا، ثم ينتقل الكلام إلى تقرير المصير فيقول: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ}

  (٣٠) {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ} في جنته {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} الفوز البين الواضح لأنه سعادة دائمة لا يموت المؤمن ولا ينقطع عنه الثواب ولا يخرج من الجنة فهو فوز بين واضح لا أوضح ولا أبين منه فوز.

  (٣١) {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} احتج عليهم يوم القيامة بأنه قد جاءهم الرسل، وقد تليت عليهم آيات الله التي فيها الحجة القاطعة المقنعة لو أرادوا الحق يقال لهم: {أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ} عن قبولها، يستكبرون على الله سبحانه الذي خلقهم ورزقهم فيأنفون من أمره ومن وحيه وهو ربهم المالك لهم ليسوا إلا عبيداً له {وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} أهل جرائم عظيمة.