التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 437 - الجزء 6

  عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ١٦ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ


  {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} الحمل والرضاع ثلاثون شهراً كأن الرضاع سمي فصالا باعتبار أنها تستمر في الرضاع حتى تفصله {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قوته، في مرحلة الشباب، وهو يبدأ منذ أن يبلغ النكاح، {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} يستمر في شبابه حتى سن الأربعين، وفي سن الأربعين يتكامل عقله فهو أقرب إلى أن يهتدي وينيب إلى ربه.

  {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} بمعنى اهدني لشكر نعمتك {أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} شكر النعمة علي وعلى والديّ أشكرها لأن النعمة على الوالدين نعمة على الولد لأنهم أصله {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} وأوزعني أن أعمل صالحا ترضاه {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} لأني قد أوشكت على بداية الضعف والحاجة إلى الأولاد لخدمتي فأصلح لي فيهم {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فاستجب دعائي.

  (١٦) {أُولَئِكَ} أهل هذه الطريقة {الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} وهو العبادة لأنها أحسن ما عملوا عبادة الله وحده {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} لأنهم قد تابوا لما قال: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} هم ضمن أصحاب الجنة {وَعْدَ الصِّدْقِ} هذا الوعد الذي وعدهم الله، حين قال: {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} هو وعد لا يختلف أبداً {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} كانوا في الدنيا يوعدون به سيتحقق في الآخرة.