التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 439 - الجزء 6

  حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ٢٠ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ٢١ قَالُوا أَجِئْتَنَا


  (٢٠) {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ} لأنهم في الحشر يجاء بجهنم قال سبحانه: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}⁣[الفجر: ٢٣] كما قال: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}⁣[الكهف: ٥٣] فكأنهم سوف يرونها ويسمعونها، وكما قال تعالى: {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}⁣[الفرقان: ١٢] كأن هذا هو العرض عليها قبل دخولهم فيها.

  فيقال لهم: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} التي كان بالإمكان أن تحصلوا عليها لو آمنتم واتبعتم الرسول لكن أذهبتموها وأنتم لا زلتم {فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} لما كفرتم فما بقي لكم شيء {وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} بحياتكم الدنيا {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} عذاب الهوان والذلة والصغار {بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} تستكبرون ولستم كباراً لستم إلا عبيداً لله، فأنتم الآن تستحقون الإهانة وهذا عذاب الهون يهينكم في مقابل الاستكبار {وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} تخرجون عن طاعة الله إلى معصيته، وإلى الخبث والفجور.

  (٢١) {وَاذْكُرْ} يا رسول الله {أَخَا عَادٍ} هو نبي الله هود {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} الأحقاف: المحل الذي أنذرهم فيه، والأحقاف: جمع حقف من الرمل الذي تجمعه الرياح فيتكون كثباناً مستطيلة متعجرةً {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ} قد مضت عليهم نذر متعددة وليس هو فقط لعله لطول أعمارهم {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} من قدامه ومن ورائه لعله إلى غيرهم {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} هذا حاصل الإنذار: أن يعبدوا الله وحده وأن لا يشركوا بالله {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} بسبب الشرك.