التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 440 - الجزء 6

  لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٢٢ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ٢٣ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢٤ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ٢٥ وَلَقَدْ


  (٢٢) {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} جئتنا لتقلبنا وتحولنا {عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} من شدة الإصرار على عبادتها والتعصب لها صارت دعوته لهم بالتحول عن عبادتها في نظرهم جريمة كبيرة فتحدوه بذلك {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فأت بالعذاب الذي تعدنا به.

  (٢٣) {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} هو وحده من يعلم متى يأتي العذاب، ويعلم مقدار ما تستحقونه {وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ} أما أنا فليست وظيفتي إلا أن أبلغكم ما أرسلت به وليست المجيء بالعذاب {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} لأن هذه جهالة كبيرة أن يطلبوا منه أن يجيء بالعذاب.

  (٢٤) {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} فلما رأوا العذاب وهو عارض كأنه معترض في الجو شبه السحاب الغليظ {مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} مقبلاً إليهم {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ظنوا أنه سحابة ممطرة ففرحوا بها لما يعانونه من الجدب {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} العذاب الذي استعجلتم به {رِيحٌ} شديدة {فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} هي في نفسها عذاب إلا أنه على التجريد وهو نوع من البديع ولأنها استمرت عليهم وكأنها كانت باردة جداً وقوية جداً.

  (٢٥) {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} البيوت والشجر كل شيء من شأنه أن يدمر {فَأَصْبَحُوا} بعد ثمانية أيام {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} خراباً.