التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 442 - الجزء 6

  اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٢٨ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ٢٩ قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٠ يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا


  (٢٨) {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} بهذا يبين للكفار الذين في وقت الرسول ÷ أنها لا تنفعهم أصنامهم كما لم تنفع أولئك الأولين أصنامهم فهلا حين نزل العذاب دفعته عنهم إن كانت تنفع {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ} ضاعوا عنهم لم يعملوا لهم أي شيء كأنهم غير موجودين {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} وضاع إفكهم ذلك الذي كانوا يقولون به من خلال كفرهم وعنادهم انتهى وتلاشى.

  (٢٩) {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} أذكر يا رسول الله إذ صرفنا: هذا الكلام يدل على عظمة القرآن ومدى تأثيره حتى على هؤلاء النفر من الجن ممن أنصتوا له وتفهموه فأصابوا الطريق الصحيح {فَلَمَّا حَضَرُوهُ} عند النبي ÷ {قَالُوا أَنْصِتُوا} لا يتكلم أحد لكي يستمعوا جيداً {فَلَمَّا قُضِيَ} انتهت تلاوة القرآن {وَلَّوْا} عن الرسول ÷ {إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} لقومهم.

  (٣٠) {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا} هو القرآن {أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} كأنهم ما كانوا متبعين لعيسى ولا كانوا مؤمنين به، ربما لم يكونوا يعلمون إلا بموسى وبالتوراة {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتاب لا يتعارض معه بل ما في الكتب السابقة من الوعد والوعيد والتوحيد هذه الأصول، يوجد في القرآن {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} لا عوج فيها.