سورة محمد
  وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ١٥ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى
  الله بينة تدل على طريق الحق وتهدي الإنسان، فالإنسان المتبع له يكون على بينة من ربه ليس {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} لأن الشيطان زين لهم ذلك العمل السيئ، ولأنهم يهوونه اتبعوه دونما دليل ولا حجة على صحة عملهم ذلك، فلا يستوي هو ومن كان يعمل ما يعمل وهو على بينة من ربه، هذا يدل على أن الإنسان لا ينبغي إلا أن يكون على بينة من ربه فيما هو عليه من دينه لا ينبغي أن يكون لمجرد الهوى أو العصبية.
  (١٥) {مَثَلُ الْجَنَّةِ} هذا وصفها وسماه مثلاً {الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} في كثير من الآيات القرآنية يقول: أعدت للمتقين، جعلها للمتقين، وقد وصف المتقين في (سورة آل عمران) حين قال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا ..}[آية: ١٣٣ - ١٣٥] إلى قوله: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ..}[آية: ١٣٥ - ١٣٦] إلخ.
  هؤلاء المتقون الذي لا يصرون على المعاصي وإذا زلوا تابوا، قال: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف: ٢٠١] هذا وعد الله للمتقين {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} ليس فيه رائحة سيئة أو تغير شيء من أوصافه {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} كذلك لازال طرياً على أصله.