سورة محمد
  هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ١٨ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ١٩ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ
  (١٧) {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} حين يستمعون إليك {زَادَهُمْ} الله بسبب الاستماع {هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} كأنه بمعنى آتاهم إما هداهم للتقوى في الدنيا، أو آتاهم ثواب تقواهم في الآخرة.
  (١٨) {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} لأنهم يستمعون إليك ولم ينتفعوا بالقرآن الذي هو الحجة الواضحة والآية البينة فظلوا فقط ينتظرون القيامة ليتأكدوا من صدق مجيئها! {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} هي قريب؛ لأنه قد جاء أشراطها الشروط التي لا يمكن أن تجيء إلا بعد تحققها وهي الإنذار والتبشير وإقامة الحجة على العباد، كما قال: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} فأشراط قيام الساعة قد وقعت {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} فكيف يصح أن يتذكروا ويهتدوا بعد قيام القيامة؟ فالتفكير حينئذ لا ينفع، والتوبة غير مقبولة.
  (١٩) {فَاعْلَمْ} يا رسول الله {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} كما أنزل الله في القرآن {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} والإستغفار من الصغائر التي تجوز على الأنبياء واستغفاره للمؤمنين سكنٌ لهم {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} والله يعلم ما أنت عليه وما عليه الكفار فهو يعلم أين تتقلبون وأين تصيرون في الدنيا ويعلم مثواكم في الآخرة، الذي هو المثوى الحقيقي الدائم، ويمكن أنها عامة مثواهم في الدنيا ومثواهم بعد الموت ومثواهم في الآخرة لكن من الغلط قولهم: «شيع الميت إلى مثواه الأخير» هذا كفر بالآخرة لأنه ليس بالأخير، وقد تكون هذه العبارة مأخوذة من كلام الكفار.