التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة محمد

صفحة 455 - الجزء 6

  مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ ٢٠ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ٢١ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ


  (٢٠) {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} لأنهم يزدادون هدى وإيمانا فهم يكونون راغبين في نزولها {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} الذين في قلوبهم شك ممن هم فاقدون للإيمان، لكراهتهم للقتال في سبيل الله عند ما تنزل آية يذكر فيها الأمر بالقتال فمن شدة كراهتهم للقتال ينظرون إليك كما ينظر المغشي عليه من الموت الذي يشخص ببصره إلى جهة واحدة لا يتحول عنها وذلك غضب منهم على الرسول ÷ {فَأَوْلَى لَهُمْ} دعاء عليهم بمعنى: كيد لهم.

  (٢١) {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} كأنه بمعنى أنهم يعدون بالطاعة ويظهرون الطاعة والقول المعروف خداعاً {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} فهم إنما يتمظهرون بالطاعة والقول المعروف لكن وقت الجد والصدق في مواقع الجهاد تتبخر تلك المظاهر الزائفة ويتلاشى ذلك الحماس ويلوذون بالفرار، مع أن الأفضل لهم أن يصدقوا مع الله ويثبتوا وقد رفع قوله: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ} على أنه الخبر والمبتدأ محذوف تقديره: شأنهم أو أمرهم طاعة معروفة وقول معروف. هذا احتمال والاحتمال الثاني أن يكون معنى قوله: {فَأَوْلَى لَهُمْ} أي أحق لهم وأحسن وأفضل لهم طاعة وقول معروف لكن على هذا الاحتمال لا يصح أن يترتب عليه قوله: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}.