التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة محمد

صفحة 458 - الجزء 6

  مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ٣١ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ٣٢ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ٣٣ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ٣٤ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ


  (٣١) {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} بالأمر بالجهاد في سبيل الله {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} حتى يبين خبركم، فيعرف المجاهد الصابر، ويتميز عن القاعد غير المجاهد {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} كأن معناه: نعلم سرائركم لنجازي عليها، وإما بمعنى: ما أُخْبِرَ به عنكم، أو ما تخبرون به عن أنفسكم وهو الأظهر، لأنهم يقولون: طاعة وقول معروف، فتوعدهم بالتمحيص ليتبين الصادق من الكاذب.

  (٣٢) {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أعرضوا عن سبيل الله أو صدوا غيرهم {وَشَاقُّوا الرَّسُولَ} عارضوه وعاندوه وكأنهم من المنافقين {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} في القرآن لأن فيه الحجة البينة {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} ليسوا مبطلين لدينه {وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} فهذا يظهر أن المعنيين بذلك هم المنافقون، حيث قال: {وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} لأنهم كانوا قد أسلموا مثل ما قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}.

  (٣٣) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} احذروا أن تبطلوا أعمالكم بالنفاق ومشاقة الرسول كما فعل هؤلاء المذكورون.

  (٣٤) {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} يحذرنا من أن نحذو حذو هؤلاء الذين كفروا وصدوا، أي أعرضوا عن سبيل الله بعد ما كانوا قد آمنوا {ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} ما رجعوا بل أصروا على ما هم عليه حتى ماتوا {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} لأنهم ما توا قبل أن يتوبوا.