سورة الفتح
  فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ١١ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ١٢ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا ١٣ وَلِلَّهِ
  (١١) {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ} المخلفون: الذين آثروا البقاء في بيوتهم وتخلفوا عن الخروج للقتال مع المجاهدين {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} اعتذروا بأنهم كانوا منشغلين عن الخروج بالأموال والأهالي فتخلفوا لذلك {فَاسْتَغْفِرْ لَنَا} هم ليسوا حريصين على أن يستغفر لهم وإنما يريدون تغطية نفاقهم.
  {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ} حين يطلبون أن يستغفر لهم {مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} وهو عدم المبالاة بنتيجة تخلفهم {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} يخوفهم من الله، أي من هو الذي سيدفع عنكم عذابه إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا؟ الأمر له فيكم {بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} رد على اعتذارهم، فهو عالم بخُبْرِكم، وما تكنه صدوركم، وبكذبكم في دعوى الاشتغال بالأموال والأهلين.
  (١٢) {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا} أظهر العليم الخبير ما تكنه صدورهم وبين السبب في تخلفهم عن الخروج للجهاد، وهو أنهم قد اعتقدوا أن تلك المعركة ستستأصل شافة المسلمين، ويقتلون عن آخرهم {وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} لكراهتكم للإسلام {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} وهو أن دين الله سينتهي ونوره سينطفئ {وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} وكنتم قوما هالكين فاسدين في دينكم لستم أهل دين أصلاً.