سورة الفتح
  الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ١٨ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ١٩ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ٢٠ وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا
  (١٨) {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} هذه تسمى (بيعة الرضوان) لما بايعوا النبي ÷ تحت الشجرة، لكن الرضا من الله إنما هو عن المؤمنين، وليس عن كل المبايعين على ما يظهر؛ لأنه قال: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} من النية على الثبات والصبر في الجهاد ومن كانت نيته كذلك فهو مؤمن مرضي عنه {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} للرضا بحكم الله ورسوله في القبول بالصلح، والعودة من الحديبية واطمأنوا إلى هذا، مع شعورهم بقوتهم وتمكنهم من اقتحام مكة وفتحها. ولكن الأمر أمر الله ورسوله فاطمأنوا إليه وسلموا تسليماً حينما نزلت السكينة {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أعقب تلك الحادثة فتح مكة.
  (١٩) {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا} كأنها غنائم يوم حنين وكانت كثيرة {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} عزيزاً لا يُنال، وحكيماً في أفعاله وأقواله وتصرفاته كلها على ما تقتضيه الحكمة.
  (٢٠) {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} وعد المسلمين مغانم كثيرة وتحقق الوعد في فتوح الشام، فحصل لهم مغانم كثيرة جداً جداً {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} غنائم حنين {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} في وقعة حنين وقد كانت تجمعت قبائل كثير ضدهم يقال: إنهم كانوا أربعة وعشرين ألفاً، كانوا قد تجمعوا ليحاربوا النبي ÷ فنصره الله عليهم، وكانوا قد جلبوا إلى المعركة غنمهم وبقرهم وأنعامهم ليقاتلوا قتال المستميت دون ماله، فكانت غنائم للمسلمين.