التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفتح

صفحة 471 - الجزء 6

  قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ٢١ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ٢٢ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٢٣ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ٢٤ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ


  {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} كان هذا النصر وهذه الغنائم التي حصلت على ما وعدهم به ... آية وعبرة للمؤمنين {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} كمال الإيمان وطاعة الرسول.

  (٢١) {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} ووعدكم مغانم أخرى مما لم تقدروا عليه حينئذ ولكن قد أحاط الله بها تعبير عن تهيئة أسبابها حتى كأنها في اليد {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} فثقوا بوعده.

  (٢٢) {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} الراجح أنه يوم الحديبية حين تصالحوا كان الكفار قد أظهروا أنهم سيقاتلون إذا لم يرجع النبي ÷، فلو قاتلوكم لولوا الأدبار، لكن الرسول ÷ لا يريد أن يكثر القتلى في مكة {ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} لو قاتلوكم لقتلوا وهربوا وشردوا ولا من ناصر ولا ولي لهم.

  (٢٣) {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ} في نصر الله لأنبيائه ورسله، كما قال: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}⁣[غافر: ٥١] سنته نصر الرسل والمتبعين لهم {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} لا تتبدل أبداً.

  (٢٤) {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} هو الله سبحانه بحكمته وألطافه كف أيديهم عن قتالكم