التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفتح

صفحة 472 - الجزء 6

  الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٢٥ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ


  حيث قذف الرعب في قلوبهم حتى سارعوا إلى الأمان، حين قال لهم النبي ÷: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن».

  وكل ذلك بحكمة الله سبحانه، وكف أيديكم عن مقاتلتهم بعد أن أعلن أحد من كان مع النبي ÷ اليوم يوم الملحمة، فرد عليه النبي ÷: كلا ... اليوم يوم المرحمة، وأعلن الأمان على ما سبق وحين اجتمعوا عنده قال لهم: ما أنتم قائلون؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم قال: أقول كما قال أخي يوسف: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}⁣[يوسف: ٩٢] اذهبوا فأنتم الطلقاء، والقصد من هذا كله أن النبي ÷ أراد أن لا يكثر القتل عند الكعبة احتراماً لها {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} يدبر لأعمالكم ما يناسبها وما يليق بها من الجزاء ونحوه.

  (٢٥) {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ} صدوكم عن العمرة (يوم الحديبية) وصدوا الهدي حال كونه {مَعْكُوفًا} محصراً وقد كان موجوداً مع النبي ÷ {أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} منعوه من بلوغ محل نحره وكأنه بعد إبرام الصلح تم الإتفاق على السماح بنحره في طرف من الحرم، فنحروا وتحللوا من الإحرام {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} في مكة {لَمْ تَعْلَمُوهُمْ} لم تعلموا بأنهم قد آمنوا فيما لو دخلتموها بالقوة والحرب {أَنْ تَطَئُوهُمْ} تدوسهم أقدامكم، كناية عن هلاكهم بمعرة الجيش