سورة الفتح
  فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ٢٦ لَقَدْ
  {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} لأنه ضرر عليكم حين تقتلونهم إما لأنهم نقص من المؤمنين، أو لأجل السمعة حين يقولون قتلهم وهم قد آمنوا فيشوهون بذلك سمعة الرسول والمسلمين عموما فهذه هي المعرة كما يظهر، وهناك من يقول أن المعرة هي الدية، ولكن لا نستطيع أن نجزم بلزوم الديه وهم لا زالوا قاطنين بين الكفار ولما يتميزوا عنهم - والله أعلم.
  {لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} حين فتح مكة بالطريقة تلك التي كف أيديهم عنكم ليهتدي ويسلم من هداه الباري للإسلام {لَوْ تَزَيَّلُوا} أي أولئك الذين كانوا قد آمنوا لو تميزوا عن الكفار بحيث لا يكون قتلهم خطأ وارداً {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} لسلطناكم على الكفار لتقتلوهم شر قتلة.
  (٢٦) {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} بسبب أنفتهم من أن يدخل النبي ÷ مكة في تلك الكثرة والقوة، قد أمتلؤا حمية وغضباً {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} لتطمئن قلوبهم إلى الصلح والرضا به {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} وهي (﷽) بعد أن رفض الكفار إثباتها في عريضة الصلح لعدم إيمانهم بالرحمن، ولكن المؤمنين لزموا هذه الكلمة (البسملة) حتى وإن لم تثبت خطاً في وثيقة الصلح {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} على مقتضى علمه بالحكمة من الصلح حتى لو بدا مؤلماً للمؤمنين في بعض بنوده فوفقهم سبحانه لالتزام كلمة التقوى فكانوا أحق بها وكانوا أهلاً لها دون الكفار المعاندين.