التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفتح

صفحة 474 - الجزء 6

  صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ٢٧ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ٢٨


  (٢٧) {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} هذه الرؤيا لما كان قد رأى النبي ÷ من قبل أنهم يدخلون مكة إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين بعد الإحرام {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} علم مما تقتضيه الحكمة ما لم تعلموه أنتم {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} فجعل من دون ذلك الفتح الذي هو تصديق للرؤيا وهو الفتح البين جعل من دونه فتحاً قريباً يمكن أن يكون (فتح الحديبية) باعتبار أنه كان بمثابة خطوة أولى في طريق الفتح الكبير كونه طرح قضية دخول مكة - ولو في العام القادم - كأمر واقع حيث تنازل الكفار قليلاً عن تكبرهم لما ظهر لهم من قوة المسلمين وأذعنوا للأمر الواقع وهو الدخول في العام المقبل والله أعلم.

  (٢٨) {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} فالرسول ÷، صادق في رؤياه لأن الله أرسله بالهدى ودين الحق، كأن هذا رد على الذين كانوا قد تشككوا في صدق الوعد بالدخول لما قالوا: كيف يمكن أن نرجع من الحديبية وقد وعدنا أننا سوف ندخل المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسنا ومقصرين؟

  {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} يظهر دين الإسلام على الأديان كلها - حسب تسمية أهلها لها دينا وإلا فلا يوجد دين حق إلا دين الإسلام.