التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحجرات

صفحة 485 - الجزء 6

  عَلِيمٌ خَبِيرٌ ١٣ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٤ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا


  (١٣) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} أصلكم واحد آدم وحواء {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} لأنه يعرف الإنسان بكونه من شعب كذا، ثم بكونه من قبيلة كذا، فهي طريقة للتعارف بين الناس {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} كانوا يتفاخرون بآبائهم الكفرة لكونهم ظلمة يسفكون الدماء، أو كانوا مطعمين الطعام يتفاخرون بهم وهم حِمم جهنم، بينما الفخر الحقيقي هو في الفضل والكرامة عند الله فمن كان أتقى فهو أكرم عند الله ولا يصح أن يستدل بها على نفي التفاضل لأن التفاضل في النعمة قد نص عليه القرآن قال الله تعالى في (بني إسرائيل): {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}⁣[البقرة: ٤٧] فضلهم في النعمة حين جعل الرسالة والنبوة فيهم، بالنسبة للتفاضل بالأنساب هو من طريقة التفاضل بالنعمة فبعض الأنساب فيهم الكرم وفيهم الشجاعة وفيهم محاسن الأخلاق وفيهم الوفاء فتبرز فيهم هذه الصفات الحميدة أكثر من غيرهم من الأنساب فهذا إنما هو تفاضل في النعمة، بالنسبة لفضل (أهل البيت) هو فضل في النعمة من حيث أنهم مظنة الهدى والتقوى فيهم أكثر من غيرهم، يعني إذا نسبنا الفضل إلى جملتهم فهو فضل النعمة، وإن نسبناه إلى الأفراد منهم فعلى قدر التقوى يكون الفضل {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} عليم بالمتقين وخبير بما في ضمائرهم.

  (١٤) {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} هذا بداية بحث في تحديد مفهوم الإيمان، فهؤلاء الأعراب كانوا قد أسلموا وشهدوا بالشهادتين غير أنه لم يكن قد دخل الإيمان في قلوبهم، فرد الله عليهم: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} قد