سورة الحجرات
  بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ١٥ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا
  أسلموا حين شهدوا بالشهادتين يعني قد خرجوا من الشرك فتكون معاملتهم كمعاملة المسلمين والإسلام درجات أولها النطق بالشهادتين ثم درجة إسلام النفس لله بالقيام بالواجبات واجتناب المحرمات، ثم إسلام النفس لله أن يجعل كل أعماله وكل نياته على ما يرضي الله هذه الدرجة العليا، وهي تعم حتى المباحات لأنها بالنسبة له تكون تبعا للطاعات في نيته.
  {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} هذه عبارة جميلة ليس فيها ما يؤيسهم من الإيمان أي أنه لحد الآن لم يدخل الإيمان في قلوبكم ويمكن أن يدخل فيما بعد، لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} بأن تؤمنوا وتتقوا {لَا يَلِتْكُمْ} لا ينقص عليكم من أعمالكم شيئاً {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إذا رجع العبد إليه يوفر له أعماله ولا ينقص منها شيئاً ولا يمنعه ما قد سبق قبل التوبة من توفية الثواب.
  (١٥) {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} هذا رد على الأعراب حين قالوا: {آمَنَّا} يحدد فيه مفهوم الإيمان ومن هم المؤمنون حقيقة، ويبين صفاتهم، وأنها الإيمان الراسخ في القلب الثابت الذي لا يخالجه شك ولا ريب، ثم جاء بالصفة الثانية، فقال سبحانه: {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فالجهاد مقياس دقيق لمعرفة الإيمان، به يتميز المؤمن الصادق، فالمجاهد في سبيل الله تدفعه معرفته بالله ورسوله للغيرة على الدين فيجاهد لذلك، كما يدفعه إيمانه باليوم الآخر إلى الرغبة فيما أعد الله للمؤمنين في الجنة والخوف مما توعد به العاصين من عذاب جهنم مما يجعله يجود بماله ونفسه في سبيل الله للفوز بالجنة والنجاة من النار.