التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النجم

صفحة 541 - الجزء 6

  ٥٢ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ٥٣ فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ٥٤ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ٥٥ هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى ٥٦ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ٥٧ لَيْسَ لَهَا


  (٥٢) {وَقَوْمَ نُوحٍ} أهلكهم {مِنْ قَبْلُ} كلهم كذبوا الرسل وهمت كل أمة برسولهم فأهلكهم الباري {إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} قوم نوح كانوا أظلم وأطغى من هؤلاء الذين ذكروا قبلهم.

  (٥٣) {وَالْمُؤْتَفِكَةَ} كذلك {أَهْوَى} بمعنى أهلكها، المؤتفكة كأنهم أناس كانوا على حق ثم انقلبوا إلى الباطل لأنه سماهم المؤتفكة ولا يصح عندي أنهم قوم لوط كما يزعم من بنى على أنها كانت سبع قرى وحملها جبريل على جناحه إلى عنان السماء ثم قلبها.

  فهذه القصة مخالفة لما في القرآن الذي صرح بأن عذابهم كان بالرجم بحجارة من سجيل وأخبر أن آثارهم باقية حين قال: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ۝ وَبِاللَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}⁣[الصافات: ١٣٧ - ١٣٨] يعني أنه بقي منها من نفس بيوتهم بقايا تدل على تعذيبهم، وعلى قولهم: إنه حملها فوق جناحه وقلبها لا يمكن أن يبقى لها أثر، كما أن القرآن أخبر أنها لم تكن إلا قرية واحدة حين قال: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ}⁣[النمل: ٥٦].

  (٥٤) {فَغَشَّاهَا} من العذاب {مَا غَشَّى} مثل قوله في قوم فرعون: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}⁣[طه: ٧٨].

  (٥٥) {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ} فبأي نعم الله عليك {تَتَمَارَى} أي تشك، لأن نعم الله على رسول الله ÷ نعم عظيمة ومن أعظمها هذا الهدى الذي جاءه من الله.