سورة الرحمن
  كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ٢٦ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ٢٧ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٢٨ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ٢٩ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٣٠ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ
  في البحر {كَالأَعْلاَمِ} فسّروا (الأعلام) بالجبال، وعندي أنه بعيد تشبيهها بالجبال لأنها إذا كانت بعيدة تكون صغيرة في رأي العين حتى تتوارى عن الأنظار، والأقرب: أن الأعلام هنا يقصد بها الرايات، وأن المراد: أنها في حال جريها على الماء وحركتها تشبه الأعلام أي الرايات التي ترفرف وتتحرك عند هبوب الرياح والمشي بها.
  (٢٥) {فَبِأَيِّ آلَاءِ} نعم {رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} وهذه السفن فيها نعمة كبيرة يسافر الناس فيها لأرزاقهم وحاجاتهم.
  (٢٦) {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} من على الأرض {فَانٍ} فلا ملجأ إلا إلى الله وحده سبحانه الذي ينبغي أن يتوكل عليه ويطلبه ويدعوه كل الناس.
  (٢٧) {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} هو الحي الذي لا يفنى كما قال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ}[الفرقان: ٥٨] و (الوجه) هنا يعني: رحمته؛ لأن السياق في رحمة الله لعباده لأن الوجه يستعمل في الرحمة وفي الرضوان، وفي الرضاء والحب كما قال: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} وقال في أعدائه: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ٧٧] أي لا يرضى عنهم، ولا يرحمهم، فهو كناية عن رحمته لعباده {ذُو الْجَلَالِ} يُجَلُّ ويُعَظَّم {وَالْإِكْرَامِ} هو ذو الإكرام لعباده المؤمنين يكرمهم.
  (٢٨ - ٢٩) {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} كلهم يسألونه لأنهم عباده كلهم أهل السموات وأهل الأرض يلجئون في جميع حاجتهم إليه ويدعونه لحاجاتهم.