التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحشر

صفحة 74 - الجزء 7

  وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٠ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ


  {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} بل حازوا الدرجة الرفيعة، وهي: أنهم يؤثرونهم على أنفسهم يؤثرون المحتاج {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} حاجة شديدة.

  {وَمَنْ يُوقَ} من يقه الله {شُحَّ نَفْسِهِ} بأن أعانه على نفسه حتى أنفق في سبيل الله وفي مرضات الله {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فشح النفس خطر على المؤمن، وقد فاز من وقاه الله شره.

  (١٠) {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الفقراء الذين جاؤوا من بعدهم، ولا يعدون مهاجرين، كأنه قد خرج وقت الهجرة بعد فتح مكة لأنها صارت دار إسلام فمن هاجر منها بعد فتحها لم يكن له حكم المهاجر وربما كان مجيؤهم رغبة في مجاورة الرسول ÷ ليتعلموا منه دينهم ويجاهدوا معه فكذلك يعطون من الفيء {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} لأنهم محبون للسابقين الذين جاهدوا في سبيل الله {وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} دعوا الله أن تسلم قلوبهم من الغل على السابقين من المؤمنين بسبب ما وقع من القتل لأنه في الحروب الماضية ربما كانوا قد قَتَلوا من أقاربهم أو نحو ذلك مما يدعو للحقد على المؤمنين مثل ما كان عليه معاوية وأبو سفيان وغيرهم من المنافقين {رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} فاجعل فينا حباً لهم ولا تجعل في قلوبنا غلاً عليهم، واغفر لنا ولهم برأفتك ورحمتك.