التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحشر

صفحة 76 - الجزء 7

  تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ١٤ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٥ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ١٦ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا


  (١٤) {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا} وهم مجتمعون {إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ} يعني إلا حينما يكونون داخل القرى المحصنة وأنتم خارجها {أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} لا يجرؤون على مواجهتكم {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} لأنهم عبيد الدنيا تتفرق أغراضهم وأهواؤهم فيقتتلون فيما بينهم على الدنيا {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا} في الصورة يظهرون متآخين متحابين {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} متفرقة متباينة {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} لا يستعملون عقولهم وإنما تبعاً للأهواء.

  (١٥) {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا} هؤلاء المنافقون في معاضدتهم للكفار من أهل الكتاب ينطبق عليهم مثل الذين من قبلهم قريباً من المشركين يوم بدر، لما كان رأي البعض ترك القتال فحرضهم الآخرون على القتال، فكان المصير سيئاً جداً {ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} حينما عزموا على قتال المسلمين بعد التردد في قرار القتال فكان وبالاً عليهم وذاقوا وخامة ما عزموا عليه من القتال {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} نتيجة لسوء التدبير كانت العاقبة القتل والأسر والقهر ولهم عذاب أليم في الآخرة.

  (١٦) {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ} مثلهم كمثل الشيطان لما قالوا: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} يحاولون بذلك تشجيع اليهود {إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} ورّطه حتى كفر ثم تخلى عن نصرته وأسلمه للعذاب، واصطنع لنفسه عذراً فقال: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} وهو كاذب في ذلك.