التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الممتحنة

صفحة 86 - الجزء 7

  يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ٦ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٨ إِنَّمَا


  (٦) {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} في إبراهيم والذين معه {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} يرجو ثوابه، ورحمته يوم القيامة كأنه يعني أن الذي لا يتأسى بهم فليس ممن يرجو الله واليوم الآخر {وَمَنْ يَتَوَلَّ} عن التأسي بهم {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الغني عن التأسي وعن طاعتهم له ولرسوله، وهو الحميد الذي يستحق الحمد حتى لو لم يحمده أهل الأرض.

  (٧) {عَسَى اللَّهُ} يقرب {أَنْ يَجْعَلَ} الله {بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} يعني يقرب أن يسلموا وتحصل بينكم المودة {وَاللَّهُ قَدِيرٌ} على كل شيء {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يغفر ما مضى إذا أسلموا وتابوا إلى الله.

  (٨) {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} لا ينهاكم الله عن قوم مسالمين لكم لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم ولا ظاهروا على إخراجكم، فلا ينهاكم عن {أَنْ تَبَرُّوهُمْ} فقط، وفرقٌ بين البر والتولي، لأن البر يعني تحسنوا إليهم {وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} تعاملوهم بالعدل فالمعاملة بالعدل والإحسان لا بأس بها بينكم وبينهم مثل الإحسان إليهم بإعطائهم شيئاً بطريقة لا توحي بالمودة وإنما من باب الإحسان والمُرُوءة مثل حق الوافد عليك من طعام وشراب ونحوه حتى ولو كانوا فجاراً ماداموا غير محاربين في الدين {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الذين يعدلون في معاملتهم مع المؤمنين وغيرهم.