التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 149 - الجزء 7

  خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ٤ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ٥ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٦ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ


  وقوله تعالى: {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} بمعنى هل ترى من خلل في إتقان الصنع وتفاوت في الدلالة على الخالق القدير الذي بيده ملكوت كل شيء؟! وتسمية الخلل في إتقان الصنع فطوراً مجاز، لأن البناء الذي لم يحكم يتفطر، والقرينة الترتيب بـ (فاء التفريع) على قوله تعالى: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} وإرجاع البصر: إعادة النظر إلى ما يراه البصر.

  (٤) {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} في (مصابيح الشرفي): «عن الهادي # يقول: {ارْجِعِ الْبَصَرَ} وأجد استعمال النظر {كَرَّتَيْنِ} أي مرّتين، ليثبت لك أمرك، ويَتبين لك خبر ما قصد بصرك، وأنك إن فعلت ذلك وأجَدت التمييز والبصر [و] استعملت في ذلك العقل والفكر لم تَرَ في شيء مما خلقنا تفاوتاً فيما ركبناه عليه من تقديرنا» انتهى.

  فالمعنى: ثم ارجع البصر في خلق الرحمن، وتأمّل بفكرك وبصرك، هل ترى من خلل في خلق الرحمن؟! فإنك إن تفعل ذلك {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا} أي يرجع إليك من حيث أرسلته ذليلاً صاغراً موقناً أنه لا خلل في خلق الرحمن {وَهُوَ حَسِيرٌ} منقطع كليل دون أن يرى خللاً.

  (٥ - ٦) {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ۝ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} السماء الدنيا: أقرب