سورة الحاقة
  لَا تُبْصِرُونَ ٣٩ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ٤٠ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ ٤١ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ٤٢ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٣
  (٣٥) {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ} {الْيَوْمَ} يوم يؤتى كتابه بشماله ويوقن بالجزاء ويتمنى ويقول ما ذكر في الآيات الماضية و {هَاهُنَا} اسم للمكان الذي وقع ذلك فيه، و (الحميم) قال فيه الإمام الهادي #: «والحميم: فهو ما كان يغتر به من البنين والعصبة والأقربين» انتهى، أي لا يدفعون عنه ولا يرحمونه.
  (٣٦ - ٣٧) {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} فهنا دل على أن ما كان له في دنياه من الطعام الذي كان من أعظم مطالبه لا يعود له في الآخرة كما لا يكون له حميم وإنما طعامه {مِنْ غِسْلِينٍ} وبيّن ما هو غسلين بقوله تعالى: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} فدل على أنه عذاب لآكله يعذب به الخاطئون، كما فسره في قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}[الدخان: ٤٣ - ٤٦] والخاطئون هم المجرمون المذنبون المتعمدون.
  (٣٨ - ٣٩) {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} (الفاء) للتفريع على ما ذكر من الوعد والوعيد لأن مدلوله يستلزم أن يتقدم الإنذار والتبشير والهداية لما ينجي من العذاب ويوصل إلى الثواب وهذا ما جاء به الرسول ÷ ونزل به القرآن، فأقسم اللّه ﷻ أن ذلك حق من اللّه، وما يبصرونه: هو ما يرونه فكله آيات تدل على قدرة اللّه تعالى وعلمه وحكمته وصدق وعده ووعيده، وما لا يبصرون من الأشياء المعلومة وغير المعلومة فيه دلالة من حيث خلقه اللّه وجعله خلاف المبصرات بقدرته كما خالف بين المخلوقات.