سورة الحاقة
  
  وفيه تنبيه على أن علم الإنسان بالأشياء التي لا يبصرها ولكنه يعلمها جملة أو تفصيلاً، أو يعلم أنه يجهلها من حيث يعلم كثرة المخلوقات وعدم إحاطة علمه بها، دليل على أنه يصح أن يجهل ما جاء القرآن والرسول ÷ ببيانه والإعلام به، فليس للإنسان أن يجحده لجهله به.
  ومثل هذه قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ}[يس: ٣٦] وقد اكتشف في هذا العصر ما لم يكن معلوماً للبشر الأولين.
  (٤٠) {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} {إِنَّهُ} أي القرآن هذا الذي يتلى بلّغه {رَسُولٍ كَرِيمٍ} تقي مطيع لله و {كَرِيمٍ} يريد الخير والصلاح والنفع لمن أرسل لهم.
  (٤١) {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} لأنه كلام اللّه الذي لا يقول مخلوق مثله لا شاعر ولا غير شاعر، ولأن الرسول ÷ ما كان يقول الشعر ولا ينبغي له، ولكونكم لا تقبلون الحق ولا تؤمنون بآية من آيات اللّه إلا قليلاً كفرتم بالقرآن وزعمتم أنه قول شاعر.
  (٤٢) {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} أي ما القرآن بقول كاهن، والكاهن: هو رجل تزوير وكذب يدعي العلم ببعض المغيبات وتتنزل عليه الشياطين فيوسوسون له بما استرقوه من السمع فيضيف إلى ذلك كذباً كثيراً ويصدقه الجاهلون، ويقولون: قد جربناه في بعض ما أخبر به أنه كان صدقاً وذلك ما استرقه شيطانه من السمع والفرق واضح يكفي فيه تذكر؛ لأن هذا القرآن فائق لكلام البشر على لسان الرسول الأمين الذي لم يجرب في كذب ولا تزوير.