التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المزمل

صفحة 274 - الجزء 7

  


  وهو في (مجموع الإمام زيد بن علي @) في (باب صدقة السر) بل وفي القرآن الكريم: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}⁣[البقرة: ٢٧٦] وهذا ممكن في العقل لأن اللّه سبحانه قادر على أن يكثّر فوائد الصدقة وآثارها ويسلسلها حتى تعظم بعظم فوائدها وكثرتها وآثارها وتسلسل الفوائد والآثار، مثاله إطعام بعض سلفنا | لطالب لم يتمكن من البقاء على طلب العلم والاستمرار عليه إلا بذلك الإطعام، فاستمر الطالب على طلب العلم حتى صار عالماً كبيراً مؤلفاً في العلم لكتب نافعة انتفع بها الطلاب في عصره وبعده إلى يومنا هذا، بل وصار ذلك الطالب مع علمه إماماً هادياً مجاهداً في سبيل اللّه، دفع الفساد، وأحيا الدين، ونشر العدل والعلم، وبقي أثره إلى هذا الزمان، وهو الإمام القاسم بن محمد # فحسنات ذلك المطعم الذي كان يطعمه كيف تكون قد صارت لما ترتب عليها مع كون المطعم كان يطعم لهذا الغرض أعني للمعاونة على طلب العلم وما يترتب عليه، وكان المطعم من أهل العلم والدين والفضل مظنة صدق النية والإخلاص فكيف تكون تلك النفقة في عظمها، وبالأولى نفقة رسول الله ÷ ومن معه في سبيل اللّه، فكم يترتب عليها من المصالح الدينية مع تتابع الأجيال وتسلسل الفوائد فيها، وهذا مرادنا بتعظيم الحسنة وتربيتها.

  {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} {اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} اسألوه غفران ذنوبكم، والطلب للغفران المقبول ما كان بالقلب واللسان مع الإقلاع عن المعاصي والعزم على الطاعة، فأما باللسان وحده ومع الإصرار فلا يفيد شيئاً؛ لقول اللّه تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}⁣[المائدة: ٢٧] ولعل هذا المعنى فائدة الأمر بالاستغفار في هذا السياق، فكأنه يقول: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا واستغفروا اللّه ليغفر لكم ويقبل ما تقدمون من خير.